السبت 27 نيسان 2024 | 7:25 مساءً بتوقيت دمشق
حيدر غراس

لست منهم

لست منهم
جبر علوان - فنان عراقي
  • الأربعاء 29 آذار 2023

لستُ من أولئكَ الذين يبقرون بطون القصائد ولو بعكازٍ مدببة..
لستُ من أولئكَ الذين يكسرون أضلاع الورق.. ليطحنوها مسحوقاً أبيض ويلبسوها لجسد القصيدة الأسمر ... لا.
ولا من الذين يُدَخّنون أراجيل الصمت بجمر القوافي.. أو يحتسون حبر المعاني لسُكرةٍ تدوم حتى فجر القصيدة الداعر...
لستُ من أولئك الذين يرتدون جوارب الغيم وينكشون شعر التصوف ليباتوا حُفاةً عُراةً في حدائق نوادي الأدباء ...
لست من أولئك الذين يمتهنون الحلم ويرتادون أودية الخيال والخبال أو حتى الحبال...
لا أفقهُ تأويل المجاز في لغة الجمع والدفع أو حتى الرفع في حلقات الدراويش والمتصوفة وحلبات الصعاليك ...
2
لست من أولئكَ الذين يكتبون الرسائل إلى الله..
أمي توصلها إليه مباشرةً وبدون أحرف وفواصل أو حتى كلمات ...
ولست من أولئك الذين يملكون صناديق البريد كالتي نشاهدها في الأفلام...
لذا لم أنتظر يوماً قدوم ساعي بريد الأحرف والفواصل وكذا الكلمات ...
لست أيضاً من أصحاب الوجوه الجميلة التي تصلح أغلفةً لمجلّات الأزياء.. أو كما يجري الآن في مجلّات الأدباء التي تدّعي بُهتاً أن غايتها الحرف والفواصل وبلا شك .... الكلمات
لا.
ولست من أولئك الذين يشغلهم أمر الطاولات بأحجامها وأشكالها المربعة والمستطيلة والمستديرة...
فنحن نجلس على الأرض وكذا نحلُّ الواجبات والأحرف والكلمات ...
لكني من أولئك الذين يحبون القراءة جداً وتشهدُ أمي أني أحب شعر البيّاتي والمتنبي وأدونيس ودرويش...ولا أنسى نزار وخاصةً في رسم الكلمات
3
الدهشة واضحة جداً
كانت على وجه موظف الذاتية الأمرد حينما كان يملأ بياناتي الشخصية..
سألني بحقل الوظيفية؟؟
أجبت: "كاتب.."
قال: كاتب روائي ...؟؟!
قلت لا.. من أين لي
لسان طويل كي أمتهن كتابة الروايات والحكايات وتفاصيل الملابس الداخلية والخارجية والحمّالات...!!
فأردف "إذن ...كاتب قصص...؟؟"
كيف أخبره أنني لا أجيد القصَّ أو الرقص أو ما قبل وبعد النص
قال إذاً " كاتب شِعر"
فقلت ألا ترى قرعتي من أين يأتي الشعر ولا أملك مالاً كي أزرع صحراءها ولو ببصل !
اختصرت عليه الأمر.. اكتب "كاتب عرائض"
العرائض التي أكتبها ليس لها علاقة بالطول أو العرض...
فمرّةً كتبت عرضية لدائرة.. مديرتها ترتدي تنورة قصيرة
ردتها عليَّ بدعوى أنها عريضة طويلة
أذكر أخرى كتبتها لرجل أعور يشتكي فيها من جارته التي تدّعي أنه يغمزها بعينيه الاثنتين ...
لكن أَحبَّ العرائض لقلبي تلك التي كتبتها لأحد الكُتّاب الذي كان يُقاضي فيها أحد دور النشر بالسرقة.