السبت 12 تشرين الأول 2024 | 8:3 مساءً بتوقيت دمشق
أضواء المدينة للشعر ودراساته

"كامو والشعر": في استعادة علاقة منسيّة

ألبير كامو بُعيد إعلانه فائزاً بـ"نوبل" للآداب، باريس، تشرين الأول/ أكتوبر 1957 (Getty)
  • الأثنين 12 كانون الأول 2022

كثيرةٌ هي المعطيات التي تحضر في الذهن عندما يُذكَر اسم الكاتب الفرنسي، المولود في الجزائر، ألبير كامو: تحضر الرواية، ولا سيّما روايته "الغريب"، والكتابة المسرحية مع نصوصه العديدة التي ألّفها للخشبة، وتحضر كذلك فلسفته الوجودية العبثية، بل وحتى خلافاته مع جان بول سارتر وتعلّقه بكرة القدم.
لكن هل يمكن الحديث عن علاقة بين الحائز على "نوبل للأدب" (1957) والشعر؟ الشائع، في هذا السياق، هو أن كامو (1913 ــ 1960) كتب بعض القصائد في شبابه الأوّل، وأنه كان مقرّباً من عدد من الشعراء الفرنسيين البارزين، ولا سيّما رُنيه شار، الذي كتب كامو تقديماً احتفائياً به لنسخة ألمانية من شعره صدرت في خمسينيات القرن الماضي.
الكتاب الجماعي "كامو والشعر"، الصادر حديثاً عن "منشورات رين الجامعية"، بتحرير دانييل لوكلير وأليكسي لاجيه، يسعى إلى توسيع هذه النظرة حول علاقة صاحب "أعراس" بالقصيدة، من خلال مجموعة من الدراسات والمقالات والنصوص التي تكشف عن دور كبير للشعريّة في تجربته.
لا يُخفي محرّرا الكتاب، في مقدّمتهما، أن كامو نفسه قد اعترف بعدم إتقانه للكتابة الشعرية (سيقول، يوماً، "لديّ هذا الإحساس المعيب بأنّني لا أفقه شيئاً في الشعر")، وبأنه لم يذهب مع القصيدة أبعد من بعض المحاولات التي وضعها في شبابه. لكنهما يُشيران إلى أن الشعر قد يمثّل مدخلاً خاصّاً يمكن من خلاله إلقاء نظرة جديدة، ومختلفة، على تجربة الكاتب الفرنسي، إن كان لناحية ثقافته الشعرية الكبيرة، أو لمعرفته النقدية الحاذقة بعوالم القصيدة الفرنسية وحتى الشعر الكلاسيكي، أو لدور البُعد الشعريّ في سرده.

يتوزّع الكتاب على ثلاثة أقسام، يبحث الأوّل في حضور بعض الشعراء في مدوّنة كامو، مثل آرتر رامبو، الذي يقرأ الباحثان أوليفييه بيلان وأليكسي لاجيه أصداءه في رواية "الرجل الثائر" لكامو. كما يبحث بيلان، في مقالة أُخرى يضمّها هذا الفصل، في المصادر الشعرية المتوفّرة ضمن مكتبة كامو الخاصّة، والتي تكشف عن اطّلاعه الواسع على تاريخ الشعر الأوروبي وقراءاته فيه، من هوميروس وفرجيل إلى رُنيه شار.
أمّا القسم الثاني، فتركّز الدراسات التي يضمّها على دور الشعرية في سرد كامو، وعلى المعاني التي يتّخذها في أعماله كلٌّ من الصورة، والإيقاع، والموسيقى الداخلية، والتكثيف، والغنائية، وغيرها من المفاهيم المتفرّعة عن الكتابة الشعرية. كما تتوقّف مقالاتٌ في هذا القسم عند أسلوب كامو في الوصف، وطريقته في إظهار "شِعر العالَم" في نصّه الروائي، بحسب الباحثة نتالي بياجيه.
على أن القسم الثالث والأخير يبقى الأكثر اختلافاً ومفاجأةً في هذا النوع من الأعمال الجماعية، حيث يضمّ، بدلاً من المقالات والدراسات التحليلية، نصوصاً لعددٍ من الشعراء المعاصرين الذين كتبوا عن علاقتهم بكامو وأدبه، مثل الشاعر التشادي نيمرود بينا دجانغرانغ الذي يوقّع نصّاً بعنوان "كامو وأنا"، أو أنطوان إيماز الذي يكتب نصّاً ليفي من خلاله كامو حقّه.

المصدر: العربي الجديد