الخميس 25 نيسان 2024 | 3:40 مساءً بتوقيت دمشق
حمود ولد سليمان

من يندب أهل القفر

من يندب أهل القفر
جورج براك (1882-1963) فنان فرنسي
  • الأحد 6 تشرين الثاني 2022

مرثية الكائنات الهشة *

على ربوة عالية كانت
ظلال العابرين في صمت تتوارى خلف المدى
وعلى مرمى خمسة أمتار قريباً من
الراحلين عن أنواكشوط
من أهل القفر
الذاهبين عن الفرح من القفر
إلى القبر
كانت غيمة عابرة ترفرف في السماء
وعلى إثرها يسيل الشفق أحمرَ
وطائر غريب يضم جناحيه ويهبط
حيث شواهد القبور البيضاء عالية تلامس
السماء
والمساء يغرق في لجة العدم
والموت يقف فاغراً فاه
قبورٌ هنا وقبورٌ هاهنا وقبورٌ هناك
وعلى الربوة شجيرات خضراء
من شحوب الموت يلوذ بها الموتى
أكثر من قبر
في القفر
من يندب أهل القفر في هذا المساء؟
أيها الطائر الأسود
أكثر من قلب
يا حارس المقبرة
من يواري التراب؟
أكثر من قلب
وأكثر من قبر
في القفر
من يندب أهل القفر في هذا المساء؟
يا إلهي!
الأغنياء والفقراء
والحالمون
والمعذبون والمشردون كلهم هاهنا
في سرير كلكامش يتمددون
من جرح بروثيوس ينهضون
أكثر من قبر
في القفر
من يندب أهل القفر
في هذا المساء؟!
___________________
*
مساءً، وكنت على أهبة السفر إلى أرخبيل العزلة، شاءت الأقدار أن أمر في طريقي بمقبرة عرفات الكبيرة / أنواكشوط
ووقفت هنيهة أتأمل التلة وشواهد القبور البيضاء. وتذكرت الراحلين. وبدت لي أنواكشوط البائسة قفراً وشعرت بالموت وراودتني الذكرى يوم نجوت من الموت في تمبكتو ...في لحظة إحساس وجودي كتبت هذه الكلمات ثم عدلتها بعد ذلك.