السبت 20 نيسان 2024 | 9:43 صباحاً بتوقيت دمشق
نوارة خنسة

قبل عامٍ على سعادتي

قبل عامٍ على سعادتي
كارل كناثز (1891-1971) فنان أمريكي.
  • الأحد 11 أيلول 2022

عامٌ على سعادتي
لن تجيء الوجوه التي أحببناها بموعدٍ
نحن ننتظرها.

الرجال الذين أحببتهم وعلى اختلاف أعمارهم متشابهون
تشابهوا في الظل الأسود
والأثر المحترق
عشرة رجال أحببت
وما زلت أقف عاجزة كلما قال لي أحدهم (أحبك)
وأختبئ خلف ظهري.

الرجال الذين أحببتهم كانوا خائفين دائماً

الرجل الأول كان جيّداً مع النساء
لديه من الوقت ما يكفي لأن يحادثهن دائماً ويعود بقلب لا بأس به ويقول: (وجهك يشبه اللواتي تركنني، وأنا أريدك
معهنّ)
كنت أحاول الانتصار عليه فيُهزم أمام أصابعي ويركض وهو يصرخ: هذه الأصابع نساء جميلات وأنا أخاف الأصابع كثيراً
فأضحكُ لأنه لم يرَ سوى إصبعي الذي أمسح دمعنا به.. ولفرط خوفه كان يغرق.

الرجل الرابع الذي أحببته كان جيّداً مع النساء
لكنه كان بعيداً ويقول: قطعي المسافة مثل تفاحة.. لكن إياك وتذوُّقها
كان خائفاً من أن أحب طعمها وأنتظره.

الرجل السابع الذي أحببته كان جيّداً مع النساء
يحب صديقتي حتى أجيء
وصديقته حتى أذهبَ
اشتريت له مرة ساعة كسرها لأنه على حد قوله لا تعطيه الوقت الصحيح فالأوقات الصحيحة تأتي بلا وقت
ورحل بعدها حتى يثبت لي ذلك.

الرجل الخامس الذي أحببته كان جيّداً مع النساء ولا يحبني
يريدني فقط كي يخبرني عن أصدقائه الذين تركوه في المعركة ينزف دماً فأبكي لأنني أترك بين يديه صدراً لا يهدأ وأصمت
يشبه الرجل الثاني الذي أحببته الذي كان جيّداً مع النساء
ويريد أن أكون صديقته وأنا صديقة جيّدة أحياناً
وكثيراً لا أكون لأنني أخاف مثله أن أرحل بعد وجهَين وحزن

الرجل السادس الذي أحببته كان جيّداً مع النساء والثامن أيضاً ويحبون الفساتين التي تُظهر ظهر الفتيات وعنقهن البارد حتى يشربوا آخر ليل الفراق عصيراً حلواً
أمّا أنا كنت على موعد مع عطش لا ينتهي
لم أكن حبيبة
يتصل أحدهم بي حتى يخبرني بموعد السهرة التي من المفترض أن تكون الساعة الواحدة بعد منتصف الليل فأخبره أنني متعبة من الجدار الذي أحمله والذي سقط على رأسي وانكسر

الرجل الثالث الذي أحببته كان جيّداً مع النساء
أَحبّني كما يديه
يقول كل صباح (صباح الخير نوارتي) ويرفق ياء المتكلم باسمي في كل شيء حتى امتلكتُ نفسي فجأة
يوم وفاة أبي اتصلت به أخبره أنني فقدتُ نصفي
فقال: لا تنحني متل البشر
اليوم سمعت أنه فقد كله بعدما أكل المرض قلبه وتركني وأنا أبحث عن طريقة حتى أخبره مجدداً بأن (متلك ما صار).
هذا الرجل ظلّ خائفاً طوال ضحكتي..
ورحل بعد أن خنتُ يديه والياء الوحيدة!

آخر رجل أحببته لم يكن آخر رجل أحببته
وليس جيّداً مع النساء
ولا يحبني
ويحبني في بعض الألم
ينتظر شفتي حتى أطبع له نصف عمر وكل الحياة على وجهه
يحفظ أشيائي عن ظهر حب
حتى مواعيد نفسي المهترئ يحفظها ولا ينسى
آخر رجل أحببته ليس ضعيفاً
يضرب كل الأحزان بصوته حتى تنكسر
ليس خائفاً
لاحظته هكذا منذ أن بدأ بغناء التعب قبل أن يحكيه

لكنني رأيتُ ألف وجه في عينيه يشتعل وكادت- قبل عامٍ على سعادتي - أن تحرقني!