الجمعة 19 نيسان 2024 | 12:7 صباحاً بتوقيت دمشق
علي أصلان

جثّة برأس كلب

جثّة برأس كلب
وضاح مهدي - فنان عراقي
  • الجمعة 22 كانون الثاني 2021

كأيّ طفلٍ ينتظر الحلوى؛ أجلسُ بجانب الصياد، أمضغ الطُعمَ، وأنتظر النهر.
ينصّب الصياد عباءاتِ الأمهات، هذه المرّة سيصطاد جبلاً صغيراً، أو بضع تلال ضلّتْ طريقها، كلّ يومٍ ينتظر جثث الجنود؛ فهي مكسبه.
يترك الأسماك تلهو، يزداد النهر بدموعٍ غائبة، وتملأ العباءات بلحمٍ متفسّخ، كنتُ أنتظر أخي، وعقارب الساعة تلدغني، حتى أصبحتُ سامّاً، في الرابعة عصراً جاءت الجثّة كأنّها كوكب أحدب يطفو، تتمايل بخصرِ راقصة باليه وتمرح مع الموجات.
سحبناه كأنّه قطعة خبزٍ ترتدي الزيّ العسكريّ، احتضنَهُ الجرف.
أنا اللامبالي الوحيد، والحضور عيونٌ تأكل التراب، الصراخ هو السيّد الأكبر..
جثّة برأس كلب!
ماذا فعل الكلب؟!
كان يريد النباح طويلاً، ويجمع بقايا الأكل، ويجلب أقراطاً لحبيبته التي صارت أمّاً لكلبٍ آخر...
كلبٌ ينوي كتابة مذكّراته، كلبٌ يرقص ويبكي
ضاع حلمه سريعاً...
لا يهمّني سوى الصياد والكلب، وأخي المصبح في كلّ وقتٍ، يخرج سريعاً ويعود.
في ذاكرتي؛ دائرة أغلقتْ به، كما هذه الكرة الغبيّة التي لا تكفّ عن الدوران ...
أنتظر السعال
أنتظر الدخان
أنتظر الوسادة
أنتظر قضيبي أن يكفّ عن النظر بعينٍ واحدة
أنتظر قميصي، وأظافري أن تنمو، وأقتلها!
أنتظر صفع سيجارتي
أنتظر توبيخي
أنتظر الانتظار نفسه!
أنتظر أخي أن يعود بجثّةٍ لا تشبه الليل.
سأسرق له رأساً من القبور المجاورة؛
سأخيطه له
سيواجههم برأسٍ فخم.
لم أعلم أنّ هذا الرأس بلا لسان، سأسرق لساناً وعيوناً،
أو أصنع له جثّةً تشبه أحلامه.