الخميس 25 نيسان 2024 | 10:49 صباحاً بتوقيت دمشق
معاذ اللحام

عن المطرقة، المسمار والجدار

عن المطرقة، المسمار والجدار
يوسف عبدلكي- فنان سوري
  • الأربعاء 3 حزيران 2020

الأزهار
الفراشات
القمصانُ المورَّدة
الكمّادات الباردة
الأعصاب
الحدائق المعلَّقة
الوقتُ الفاصلُ بين حربين
الوقتُ الفائضُ بعد فوات الأوان
الفراغُ بين غيمتين
الوحوشُ الليليّة التي تسرق سكاكرَ الأطفال والقمح
القمح
الأطفال
التهويدات المخبأة في صدورِ الأمّهات
العصافير
الشرفات
وسائط النقل
الرجلُ الذي يحلم بالطيران
الأحلامُ المكدّسة
الأشياء المنثورة على طاولة الزينة بلا ناظم في المرآة
الخدوش السوداء غير القابلة للروتشة في وجهِ السماء وتوحي – للأسف- بالخلود
المناديل المعطَّرة التي تشرب الدموع والكحل و"البودرة"
المرأة المستلقية
المرأة بالثوب القصير
المرأة التي تنظف زجاج نافذتها الآن
الثياب البيضاء
الجاذبية المعطَّلة
النهد الذي يغيّرُ مسارَ النَفَس
المارتيني بنسبة15%
فيفالدي
نينوى
رحلة إلى القمر
صباح أنثويّ
طرق الحرير
حريق في غابة
أصوات الماء
سرّة قليلة العمق
أصابع قدم طريّة
الكتابة فوق حرير بطنيّ
نوم عميق بعد رضعةٍ كاملة
انتحارُ الرسّامات
حالة الطقس حين تُقرأ هذه القصيدة
مأساة عدم وجود قهوة في الصباح
قبلة طويلة مثل نهرٍ إفريقيّ
لحظة القذف المتزامن
شعورُ الله
الهلام الأسود
السماء التي لا تعني الله أو أي شيء غيبيّ آخر
السفر إلى العصر القديم
الوقوف في منتصف الصفحة
القصيدة التي تحلم بشاعر
هجرة العصافير
الرجل الذي يحتضر
الماء الأسود والماء المقبول اجتماعياً
الحب
النوم
الندم
الموت
أريدُ نسيانَ كلَّ ذلك
وأكتبَ عن أشياءَ أكثر حكمةً
المسمار مثلاً .
المسمار
المطرقة والجدار. المطرقة
رأس المسمار المليء بالصداع.
في علاقته الحميمة مع الجدار أو أيّ جسد آخر .
الجدار
مع القصائد المعلّقة
عن عنف المطرقة المدروس
صعودها، تقوّسها وسقوطها اللاواعي
في إصرارها على الطرق مثل فكرة
أريد أن أكتبَ قصيدةً واحدةً لها هذا الإصرار
وهذا الألم ذاته الذي يعاني منه الفولاذ
أي حوار عنيف قصير حادّ ومؤلم ذاك الذي يدور!
أيّةُ لغة؟
ألم تكن المسامير ذات يوم لغة بحدّ ذاتها
لغة محفورة
كوسم محمّى على جلد الحجارة
أو على روح الطين
المسامير يا قصيدتنا الأولى
يا ألماً حديديّاً
يا فجراً مدهوناً بالحكمة والنار والنبض
" اتبعوني أدلكم على الطريق" يقول المسمار
"اسمعوني ستكتشفون معنى الحنان القاسِ" تقولُ المطرقة
"صراخي لا يُسمع، دمي لا يسيل" يقولُ الجدار!.