الخميس 25 نيسان 2024 | 7:6 مساءً بتوقيت دمشق
نجيب نصير

شعراء الكيبورد 1

شعراء الكيبورد 1
باسم العسماوي (1951) فنان عراقي.
  • الثلاثاء 8 تشرين الأول 2019

بلا أدنى شك أنّ للجميع الحقّ بالتعبير، بكلّ أشكاله وصوره ومواضيعه، والتّساؤلات حول النّص لا تصدر عن التشكّك بهذا الحقّ؛ وإنّما مما يثيره النص نفسه، في عقل المستهلك، ما دمنا هنا نحوم حول مسألة كتابة الشعر، وتوصيلها إلى أيّ قارئ، عبر الفضاء الافتراضيّ المفتوح، الذي دخل على الثقافات العربيّة، من باب التكنولوجيّات المشخّصة، التي تسهّل عمليّات التوصيل، ولا تضمن التكريس، حتى بفعل "اللايكات"، أو القلوب الحمراء النابضة.
من حيث التوصيف، يبدو الفضاء الافتراضيّ كملحق بماكينات البثّ(لابتوب، آي باد، موبايل ذكي) التي تستخدم كدور نشر وتوزيع، تمامًا كما استبدال الغسيل اليدويّ بالغسّالة الأتوماتيك، وهذا بحدّ ذاته مؤشّر إيجابيّ، فالمنتج الشعريّ بحاجة إلى فرصة ديمقراطيّة للوصول إلى المستهلك، وهذه الديمقراطيّة توفّرها باستسهال ماكينات البثّ، وهنا أيضًا تبدأ الأسئلة بالخطر في بال المتابع.
فإذا كان الشعر هو منتوج جماليّ خيّر، فالكثرة منه أكثر فائدة، ومع تكاثر عدد الشعراء الذي يفترض أن يكون خيرًا، نرى أنفسنا عاجزين عن المتابعة والانتقاء، وعاجزين عن التصنيف أيضًا، فمحمولنا الثقافيّ يحدّد ماهية الشّعر، والعالم الافتراضي يحدّد ماهيّات أخرى، بحيث تتحوّل الأشعار إلى ضيف على صفحات الشبكة العنكبوتيّة، تحتاج إلى اندماج من نوعيّة اندماج المهاجرين في مجتمع آخر.
الشاعر ليس ورقةً وقلمًا فقط، ولا هو "كي بورد" وشاشة، ومع أنّه لما نزل بعيدين عن "القصيدة الرقميّة" أو "الشعر الرقمي"، لكننا بحاجة إلى معايير متناسبة مع العالم الافتراضيّ، (الذي اعتبرنا أنفسنا أعضاء فيه، بدلالة شرعية حقوق الإنسان وماكينات البثّ التي نشتريها) لتقييم التجربة الشعريّة "الإنترنيتية"، وهذا صعب -إذا لم نقلْ مستحيل- في خضم الصراع الدمويّ بين هويّتنا وحريّتنا.
كميات هائلة من"الشعر" تجتاح صفحات المواقع، الذي يحتاج إلى أكثر بكثير من "لايك" لتقديره، فإذا كانت مقولة زيادة الخير خير،على حق...؟! فهل هي على صواب؟