لتموتَ في سكينة
إميل فيلا (1882-1953) رسام تشيكي
- الجمعة 20 كانون الثاني 2023
أنا
لم أقصد أن أنسى
أنا فقط
كان يشقّ عليّ
أن أخبرك
كيف ضاقت
خارج نافذتكَ
شوارعُ البلاد
وأظلمَت
سماؤها
كيف جفّ قلبي تحتها
كصنبورٍ مقطوع
وأخبرني واحدٌ من الرّجال
-ضاحكاً-
أنّه سيبلّل فمي
بسكّينه الحارّ
...
لا
لم أقصد أن أنسى
أنا فقط
كان يشقّ عليّ
أن أخبرك
كيف وضعوا بين عيونِ أولادنا
قضيباً من حديد
وابتاعوا لهم
أقمشة بيضاء
تفوق حجم أجسادهم الصغيرة؛
يخبّئونها
تحت وساداتهم
في انتظار
يومٍ كبير قادم
كيف أشاروا عليهم بالصمت
إذ ألبسوا أمّهم
العار
إذ ألبسوني
حُرْقَ النّار
...
لا
لم أقصد أن أنسى
أنا فقط
كان يشقّ عليّ
أن تعلمَ متأخّراً
أنّنا
طوال الوقت
كنّا
نأكل
ونشرب
ونمارسُ الحبّ
فوق أرضية السّجن
وأنّ الحرّاس
يحفظون أسرار بيتنا
ويتناقلون
أفراحنا
يتناقلون لحظاتنا الحميمة
كـ نكاتٍ ساخرة
...
لا
لم أقصد أن أنسى
أنا فقط
كان يشقّ عليّ
أن تموت
مقهوراً
إلى هذا الحدّ
أن تحاول جزعاً
رفع رأسك
من التّابوت
فترى الطّاغية
في الجنازة
-قابضاً على شجرتنا-
يقضمُ التّفّاح.