كلاهما يهجّيان الأجسادَ
الشاعر
- الأثنين 5 نيسان 2021
*أندرياس تيموثيّو
الجانب الآخر
ثمّة شعراء من جانبٍ آخر.
ثمّة أناسٌ عاشوا الشّتات
كانوا قد شاهدوا الظلم يكبر في أصداغهم، يُرجعهم إلى بيوتٍ غريبةٍ
مع ذكرياتٍ من أرضٍ أخرى.
ونحن بالنسبة لهم
موجودون أيضاً في الجانب الآخر.
***
امرأة من سيرلانكا
كِلاهما نظرَتا إلى الفراغٍ:
الأولى "الحياة الّتي ضاعت"،
والأخرى "الحياة الّتي فُقدت".
تقريباً بلا مُبالاة لبعضهما البعض
تقريباً لا تمسّها أيادي الليل العابرة
الأيادي التي رفعتها، أطعمتها، نظّفتها،
الأيادي التي أصعدتها شمعة الآحاد في الكنيسة في ساعات عملٍ إضافيّة، دون أجر.
هي ذاتها الأيادي التي سوف تنظّف الأوزار في الأيّام الصعبة.
الأيادي التي استلمتْ في ملف دينها الشهري، كفّارة عيشها في الماضي.
الأيادي التي سوف تغلق العيون في فجرٍ ما.
***
تعليمات المقبرة
أولئكَ الذين لا يزالون يتذكّرون موتاكم،
يحملون الزيت للقناديل بعناية،
ويموّنون صحن الطعام للقطط.
أولئك يديرون ذكرياتٍ كلّها منسيّة.
ربّما هكذا يستردّون رفقتهم، لكل هؤلاء،
غروب شمس جنائزيّة جنباً إلى جنبٍ مع اليائسين.
***
باريس
هذه المدينة
تستطيع فيها أن تعطي موعداً
على أيّ جسرٍ من جسورها.
في كلّ مكان تواجهك المناظر،
آمنةً ويائسة في بعض الأحيان.
لا! لا يخدعنّك الشعراء الملعونون،
حقاً، لقد أنجبتهم هذه المدينة.
باهظ ثمن الجمال لديها،
لتكون مثلاً؛ رصينة.
جسور الزمن في هذه المدينة،
حواشٍ ضيّقة في رسائل غير مُستلمةٍ.
بسذاجة طبيعتنا، انغمسنا
في معركةٍ غير متكافئةٍ لأفضل تصوير
من أجل شهاداتٍ لحظيّة تليق بمكانٍ غريب.
حقاً في هذه المدينة تستطيع أن تضحك
مع قبّعة مائلة،
مع كلمة "ميرسي" ووشاح معقود بمهارة
لكن، لا تنس أيّة لحظة!
إنّ ما مشيناه فيها يسير بنا
وما عشناه معها يكبر فينا...
***
الكلمات
يومَ تتساقط الكلماتُ من الجُثَثِ،
سيكون الضوء ضوءاً،
ستكون السماء سماءً،
ستكون الرّحم رَحماً،
سيكون العناق عناقاً.
والموتُ في صمتٍ سيكون، كذاك الحبّ، كلاهما يهجّيان الأجسادَ،
نحوَ قيامةِ الكلماتْ...
__________________
* Andreas Timotheou، شاعر قبرصيّ من مواليد عام 1990 في مدينة لارنكا حيث يقيم حاليّاً. يحمل إجازة في علوم التعليم وعلم تعليم اللغة من جامعة قبرص ويعمل مدرّساً للمرحلة الابتدائيّة في مدارس قبرص. صدر له في الشعر: "للحظة وللأبد" (2011)، و"كل ذلك الذي أردتُ أن تعرفه (2013)، و"أزهار الضوء" (2014، و"أيام أغسطس "(2016)، و"متجوّلٌ على حدود عدن" (2019). كما صدر له في السرد: "قصص مع شريط مزركش" (2019).
ترجمة عن اليونانية: عمر الشيخ